سورة يوسف - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يوسف)


        


{واسأل القرية التي كنَّا فيها} أَيْ: أهل مصر {والعير التي أقبلنا فيها} يريد: أهل الرُّفقة، فلمَّا رجعوا إلى أبيهم يعقوب عليه السَّلام قالوا له هذا، فقال: {بل سوَّلت لكم أنفسكم أمراً} زيَّنته لكم حتى أخرجتم بنيامين من عندي رجاء منفعة، فعاد من ذلك شرٌّ وضررٌ.
{وتولى عنهم} أعرض عن بنيه، وتجدَّد وَجْدُه بيوسف {وقال يا أسفى على يوسف} يا طول حزني عليه {وابيضت عيناه} انقلبت إلى حال البياض، فلم يبصر بهما {من الحزن} من البكاء {فهو كظيم} مغمومٌ مكروبٌ لا يُظهر حزنه بجزعٍ أو شكوى.
{قالوا تالله تفتأ} لا تزال {تذكر يوسف} لا تَفْتُر من ذكره {حتى تكون حرضاً} فاسداً دنفاً {أو تكون من الهالكين} الميِّتين. والمعنى: لا تزال تذكره بالحزن والبكاء عليه حتى تصير بذلك إلى مرض لا تنتفع بنفسك معه، أو تموت بغمِّه، فلمَّا أغلظوا له في القول.
{قال إنما أشكو بثِّي} ما بي من البثِّ، وهو الهمُّ الذي تفضي به إلى صاحبك {وحزني إلى الله} لا إليكم {وأعلم من الله ما لا تعلمون} وهو أنَّه علم أنَّ يوسف حيٌّ، أخبره بذلك مَلَكُ الموت، وقال له: اطلبه من هاهنا، وأشار له إلى ناحية مصر.


{يا بنيَّ اذهبوا فتحسسوا من يوسف} تَبَحَّثوا عنه {ولا تَيْأَسُوا من روح الله} من الفرج الذي يأتي به {إنه لا يَيْأَسُ من روح الله إلاَّ القوم الكافرون} يريد: إنَّ المؤمن يرجو الله تعالى في الشدائد، والكافر ليس كذلك، فخرجوا إلى مصر.
{فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسَّنا وأهلنا الضر} أصابنا ومَنْ يختصُّ بنا الجوع {وجئنا ببضاعة مزجاة} ندافع بها الأيام ونتقوَّت، وليست ممَّا يتشبَّع به، وكانت دراهم زيوفاً {فأوف لنا الكيل} سألوه مساهلتهم في النَّقد، وإعطاءَهم بدراهمهم مثل ما يعطي بغيرها من الجياد {وتصدَّق علينا} بما بين القيمتين {إن الله يجزي} يتولَّى جزاء {المتصدقين} فلمَّا قالوا هذا أدركته الرِّقَّة ودمعت عيناه، وقال توبيخاً لهم وتعظيماً لما فعلوا: {هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه} بإدخال الغمِّ عليه بإفراده من يوسف {إذ أنتم جاهلون} آثمون بيعقوب أبيكم، وقطع رحم أخيكم جهلاً منكم، ولمَّا قال لهم هذه المقالة رفع الحجاب.


{أإنك لأنت يوسف قال أنا يوسف} الذي فعلتم به ما فعلتم {وهذا أخي} المظلوم من جهتكم {قد منَّ الله علينا} بالجمع بيننا بعد ما فرَّقتم {إنه مَن يتق} الله {ويصبر} على المصائب {فإنَّ الله لا يضيع أَجْرَ المحسنين} أجر مَنْ كان هذا حاله.
{قالوا تالله لقد آثرك الله علينا} فضَّلك الله علينا بالعقل والعلم، والفضل والحسن {وإنْ كنا لخاطئين} آثمين في أمرك.
{قال لا تثريب عليكم اليوم} لا تأنيب ولا تعيير عليكم بعد هذا اليوم، ثمَّ جعلهم في حلِّ، وسأل لهم المغفرة فقال: {يغفر الله لكم...} الآية، ثمَّ سألهم عن أبيه فقالوا: ذهبت عيناه، فقال: {اذهبوا بقميصي هذا} وكان قد نزل به جبريل عليه السَّلام على إبراهيم عليه السَّلام لمَّا أُلقي في النَّار، وكان فيه ريح الجنَّة لا يقع على مبتلى ولا سقيم إلاَّ صحَّ، فذلك قوله: {فألقوه على وجه أبي يأت بصيراً} يرجعْ ويَعُدْ بصيراً.
{ولما فصلت العير} خرجت من مصر مُتوجِّهةً إلى كنعان {قال أبوهم} لمن حضره: {إني لأجد ريح يوسف} وذلك أنَّه هاجت الرِّيح فحملت ريح القميص واتَّصلت بيعقوب، فوجد ريح الجنَّة، فعلم أنَّه ليس في الدُّنيا من ريح الجنَّة إلاَّ ما كان من ذلك القميص {لولا أن تفندون} تُسفِّهوني وتُجهِّلوني.
{قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم} شقائك القديم ممَّا تكابد من الأحزان على يوسف وخطئك في النِّزاع إليه على بعد عهده منك، وكان عندهم أنَّه قد مات، وقوله: {فارتدَّ بصيراً} أَيْ: عاد ورجع بصيراً.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8